إضراب “أوجيرو” يعزل البلاد.. إلى أين؟
منذ صباح يوم الأربعاء الماضي وسنترالات الاتصالات في مناطق لبنانية عدة خارج الخدمة، أدت إلى انقطاع للاتصالات وخدمة الإنترنت عن المشتركين، بسبب إضراب عمال وموظفي شركة “أوجيرو” التي تدير قطاع الاتصالات في لبنان، للمطالبة برفع أجورهم وتحسين التقديمات الاجتماعية.
ورغم الاجتماعات الحثيثة بين نقابة هيئة موظفي أوجيرو ووزير الاتصالات في حكومة تصريف الاعمال جوني القرم، يصرّ العاملون بهيئة أوجيرو بكافة مسميّاتهم على الاستمرار بالإضراب حتى تحقيق مطالبهم ورفع رواتب الموظفين ضعفين ونصف ضعف، أي نسبة الزيادة نفسها التي اعتمدت لزيادة تعرفة الاتصالات وهو حل أدنى يمكن القبول به من قبل الموظفيين لتسيير الأوضاع.
ويبلغ متوسط رواتب موظفي أوجيرو 6 ملايين ليرة، تختلف عن رواتب إدارات القطاع العام، لكنها رغم ذلك لا تكفيهم للوصول إلى أماكن عملهم، خصوصاً وأن تكلفة معيشة لعائلة صغيرة تبلغ بالحد الأدنى 15 مليون ليرة لتغطية الأساسيات.
الحراك جدّي جداً
موظف في هيئة أوجيرو أكد لـ “أحوال.ميديا” أن الموظفين مستمرين بإضرابهم حتى تأمين الاعتمادات اللازمة لتصحيح الأجور وتحسين التقديمات الاجتماعية، وعدا عن ذلك فنحن نرفض تعليق الاضراب لأننا عاجزين عن الوصول إلى أماكن عملنا”.
ويضيف المصدر: “وزارة الاتصالات رفعت تعرفة الاتصالات لتسوية أوضاع موظفي شركتي الخليوي “ألفا” و”تاتش” كي يفكوا إضرابهم، لكنها لم تبالي لمطالبنا”.
الفوضى الحاصلة في أروقة الادارات العامة اليوم سببها الأول الدولة التي اعتادت التمييز بين العاملين لديها بمختلف مسمّياتهم، إذ ليس لديها معايير واضحة وآلية دقيقة لتحديد حقوق الموظفين وامتيازاتهم إن تواجدت. ما دفع الموظفين نحو التصعيد وإعلان الاضراب المفتوح الى حين تحقيق مطالبهم على قاعدة موظفي الدولة “ناس بسمنة وناس بزيت”. لا يبدو أن موظفي “أوجيرو” يمزحون في إضرابهم هذه المرة، فهل ترضخ الوزارة إلى مطالبهم؟
عباس: تراكم نظام فاسد
الناشط الاجتماعي في المرصد الشعبي لمحاربة الفساد علي عباس يشير إلى أن موظفي أوجيرو أسوة بباقي موظفي الدولة يرفضون فكرة تدهور قيمة أجورهم علما انها كانت من أعلى الأجور في الدولة اللبنانية.
واتهم عباس وزير الاتصالات بخلق حال من الفوضى في القطاع لاسيما بعد قرار زيادة الأسعار، وهو الأمر الذي دفع موطفي أوجيرو إلى اتخاذ قرار الاضراب لتصحيح أجورهم كما حصل لزملائهم في شركتي الخليوي كي يتمكنوا من الوصول الى أماكن عملهم.
اليوم يعيش لبنان مرحلة صعبة إذ يتسلل الانهيار الاقتصادي التاريخي إلى مختلف قطاعاته، ولعل أكثرها خطورة امتداده إلى مؤسسات و إدارات الدولة كافة ، لاسيّما المرتبطة مباشرة بمصالح اللبنانيين.
ويرى عباس أن شلل المؤسسات العامة اليوم ليس نتيجة الانهيار الاقتصادي والمالي فحسب، بل يعود لسوء إدارة السلطة لها، بعد أن “أُضعفت المؤسسات وجرى الفتك بها، لأسباب طائفية وحزبية. مؤسسات الدولة انتهت منذ ما قبل منتصف العام 2019 وما يحصل اليوم هو استكمال لهذا الانهيار.
ويشير إلى أن كل المؤشرات تدل على أن الدولة عاجزة عن تصحيح أجور موظفيها ويعود سبب ذلك إلى الفوضى وفائض عدد الموظفين في أوجيرو إضافة إلى تغلغل الفساد والهدر في أروقتها تماماً كما في أروقة الإدارات والمؤسسات العامة، والخلل في تركيبة النظام الضريبي، والخسارات الفادحة في بعض منشآت القطاع العام ومرافقه بسبب التوظيفات العشوائية التي تقوم على أساس الوساطة والمحسوبيات، ما هو مطلوب هو إعادة هيكلة وتحديد النقص والفائض في أعداد الموظفين”.
وفي سؤال عن اتهام البعض لوزير الاتصالات بالفساد يجيب “لا يقف الفساد عند وزير الاتصالات جوني القرم فقط بل لدى جميع الوزراء المتعاقبين على الوزارة خصوصاً الوزير الأسبق جمال الجراح الذي هدر مال قطاع الاتصالات على رعاية المؤتمرات والنشاطات الاجتماعيّة والرياضيّة والإعلانيّة وغيرها.
ويختم: توقف قطاع الاتصالات نهائياً سيؤدي الى انهيار مؤسسات الدولة وإعلان لبنان دولة فاشلة ما يعيدنا إلى زمن المزارع والميليشيات التي تدير لبنان بحسب المنطقة وتنشىء مؤسسات خاصة بها رديفة لمؤسسات الدولة.
أمام تمسك موظفي أوجيرو بإضرابهم المفتوح ورفضهم الرضوخ لوعود قد لا تطبّق، يؤكد مدير عام هيئة أوجيرو عماد كريدية “رفضه بأن يكون المواطنون والمشتركون كبش محرقة، وإن كانت مطالب الموظفين محقّة، مؤكداً أن الهيئة على علم بأن الحكومة لا تستطيع تلبية مطالب موظفي أوجيرو بسبب الأضاع لأنها تكون بذلك قد فتحت الباب لقضايا مطلبية أخرى وكثيرة للقطاع العام، لذلك سنعمل على إيجاد حلول ترضي جميع الأطراف”.
ناديا الحلاق